قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :" لا صلاةَ بعدَ صلاة
الصُّبحِ حتَّى ترتفعَ الشَّمس ، ولا صلاةَ بعد صلاة العصرِ حتَّى تغيبَ
الشَّمْسُ " . رواه البخاريُّ ومسلم ..
الصَّلواتُ
النوافلُ منها
مُؤَقَّتٌ كالضُّحى ورواتبِ الفرائضِ ، ومنها مُتَعَلِّقٌ
بسبب كصلاتيْ
الكُسُوفِ والخُسُوفِ وصلاةِ تحيَّة المسجد ، ومنها مُطْلَقٌ
لا
يَتَقَيَّدُ بوقتٍ ولا سبب .
لا
تجوزُ صلاةُ النافلةِ التي لا
سَبَبَ لها مُتَقَدِّمٌ ولا مُقارِنٌ بعدَ
صلاة الصُّبحِ حتَّى
تَطْلُعَ الشَّمسُ ، وعندَ طُلُوعِهَا حتَّى ترتفعَ
قَدْرَ رُمْحٍ ،
وعندَ الاستواء إلَّا يومَ الجُمُعَة ، وبعدَ صلاة العصرِ
حتَّى
تَغْرُبَ الشَّمْسُ ، وعندَ الاصفرارِ إلى أنْ تَغْرُبَ غُرُوبًا
كاملًا
.
قولُنا :" وعندَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حتَّى ترتفعَ قَدْرَ رُمْحٍ "
معناه بحسَب رأي العَيْن ، أيْ إلى ثُلُثِ ساعةٍ تقريبًا ..
وقولُنا :"
وعندَ الاستواء " معناه عندَما تكونُ الشَّمْسُ في وَسَطِ السَّماء .
وعليه
فلا
يَحْرُمُ علينا أنْ نُصَلِّيَ في هذه الأوقاتِ الرَّكعتينِ اللَّتينِ
تُصَلَّيانِ
بعدَ الطَّوافِ وكذلكَ الرَّكعتانِ اللَّتانِ تُصَلَّيانِ بعدَ
دخولِ
المسجد تحيَّةً له . وكذلكَ سجدةُ الشُّكْرِ وسجدةُ التِّلاوة .
هذه
التي
ذكرناها لا تَحْرُمُ علينا في هذه الأَوقاتِ لأنَّ أسبابهَا
مُتَقَدِّمَةٌ
عليها . وأمَّا رَكْعَتَا الإحرامِ للحجِّ فلا يجوزُ فعلُهما
في هذه
الأوقاتِ الخمسةِ المكروهةِ لأنَّ سببَهما مُتَأَخِّرٌ عنهما ،
لأنَّ
سببَهما الذي هو الإحرامُ إنما يقعُ بعدَ الصَّلاة . وكذلكَ صلاةُ
التوبةِ
لا يجوزُ أداؤُها في الأَوقاتِ الخمسةِ المكروهةِ لأنه ليسَ لها
سَبَبٌ
مُتَقَدِّمٌ ولا مُقَارِنٌ . إلَّا أنَّ حَرَمَ الكعبةِ يجوزُ
للشَّخصِ
أنْ يُصَلِّيَ فيه ، في الأَوقات الخمسةِ المكروهة ، النافلةَ
التي لا
سَبَبَ لها مُتَقَدِّمٌ ولا مُقَارِنٌ .
الصَّلاةُ
النافلةُ التي
لها سَبَبٌ لا تُقْضَى إذا فاتَ سَبَبُهَا ، وذلكَ كصلاة
الاستسقاء
وصلاتيْ الخُسُوفِ والكُسُوف . صَلاتا الخسوفِ والكسوفِ لا
تُقْضَيانِ
إذا انجلى القمرُ أو انجلتْ الشَّمْسُ .
أمَّا
الصَّلواتُ النوافلُ
التي لها وَقْتٌ ، فإنَّ هذه يُسَنُّ قضاؤُها إذا لم
تُؤَدَّ في وقتها .
السُّنَنُ التي لها وَقْتٌ كَسُـنَّةِ الفجرِ
والظُّهْرِ والمغربِ
والعشاء والضُّحَى هذه يُسَنُّ قضاؤُها إذا لم تُؤَدَّ
في وقتها . هذه
تُقْضَى بعدَ يومٍ أو يومَينِ أو شهرٍ أو أكثر .
رَوَى
البخاريُّ
ومسلمٌ عن أُمِّ سَلَمَةَ أنَّ رسولَ الله ، صَلَّى الله عليه
وسلَّم ،
صَلَّى رَكْعَتينِ بعدَ العصرِ فسَأَلَتْهُ عن ذلكَ فقال :" يا
بنتَ
أبي أُمَيَّةَ ، سألتِ عَنْ الرَّكْعَتَينِ بعدَ العَصْرِ ، وإنه
أتاني
ناسٌ منْ عبد القَيْسِ فشغَلوني عن الرَّكعتينِ اللَّتَيْنِ بعدَ
الظُّهْرِ
فهما هاتان " ..
#واعلموا
أنَّ أفضلَ الصَّلواتِ المسنونةِ صلاةُ
العيدَينِ ، ثمَّ صلاةُ الكسوف ،
ثمَّ صلاةُ الخسوف ، ثمَّ صلاةُ
الاستسقاء ، ثمَّ صلاةُ الوِتر ، ثمَّ
رواتبُ الفرائضِ ، ثمَّ صلاةُ
التراويحِ ، ثمَّ صلاةُ الضُّحَى ، ثمَّ ما
يتعلَّق بفعلٍ كرَكْعَتَيْ
تحيَّةِ المسجدِ ورَكْعَتَيْ الطَّوافِ ثمَّ
النفلُ المُطْلَق .
وأمَّا
حديث :" أفضلُ الصَّلاةِ بعدَ الفريضةِ صلاةُ اللَّيل " فهو بيانُ أنَّ
النفلَ المُطْلَقَ باللَّيلِ أَفْضَلُ منه بالنهار . والحديثُ رواه الإمامُ
مسلمٌ بإسناد صحيح ..
#ووَقْتُ
الوِترِ ما بينَ صلاة العشاء وطلوعِ
الفجرِ . والأفضلُ تأخيرُه إلى ءاخرِ
اللَّيلِ لمَنْ وَثِقَ في
استيقاظه . ومَنْ صَلَّى في جَوْفِ اللَّيلِ
رَكْعَةَ الوِترِ
المُفْرَدَةَ حَصَلَ له أَصْلُ ثواب القيام .
ويُسَنُّ أنْ تُصَلَّى
الوِتْرُ جماعةً في رَمَضَانَ وإنْ لم تُصَلَّ التراويحُ أو صُلِّيَتْ
فُرَادَى .
ويُسَنُّ القُنوتُ في الوِتْرِ في النصف الثاني من
رَمَضَانَ ..
#وأمَّا
رواتبُ الفرائضِ فمنها مُؤَكَّدٌ ومنها غيرُ
مُؤَكَّد . أمَّا المُؤَكَّدُ
منها فهيَ رَكْعَتَانِ قبلَ الصُّبحِ
ورَكْعَتَانِ قبلَ الظُّهْرِ
ورَكْعَتَانِ بعدَ الظُّهْرِ ورَكْعَتَانِ
بعدَ المغرب ورَكْعَتَانِ بعدَ
العِشاء .
وأمَّا غيرُ المُؤَكَّد
فرَكْعَتَانِ تُزَادَانِ قبلَ الظُّهْرِ ورَكْعَتَانِ تُزَادَانِ بعدَها .
وذلكَ لحديث :" مَنْ حافظَ على أربعِ رَكَعَاتٍ قبلَ الظُّهْرِ وأربعٍ
بعدَها حَرَّمَهُ الله على النَّار " .. رواهُ التِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ .
ومن غيرِ المُؤَكَّدِ أيضًا أربعُ رَكَعَاتٍ قبلَ العصر . وذلكَ لحديث
:" رَحِمَ الله امْرَأً صَلَّى قبلَ العصرِ أربعًا
" .. رواهُ
التِّرْمِذِيُّ وحَسَّـنَه .. ومن غيرِ المُؤَكَّدِ أيضًا
زيادةُ
رَكْعَتَيْنِ قبلَ المغرب ورَكْعَتَيْنِ قبلَ العشاء . وذلكَ لحديث
:"
بينَ كُلِّ أذانينِ صلاة " .. رواه البخاريُّ .. ولا
تُسَنُّ الجماعةُ
في رواتب الفرائض .. رواتبُ الفرائضِ فيها ثوابٌ حتَّى
ولو صُلِّيَتْ
جماعةً ، لكنْ لو صُلِّيَتْ فُرادَى أحسن ..
#وأمَّا
صلاةُ
التراويحِ فقد دَرَجَ المسلمونَ عليها زَمانَ عُمَرَ ، رضيَ الله
عنه ،
ولا يزالُ المسلمونَ عليها إلى أيامنا هذه . وهي بدعةٌ حَسَنَةٌ لم
تكنْ
معرُوفةً أيامَ خلافة أبي بكرٍ الصِّدِّيق ، رضيَ الله عنه ، وإنما
كانَ
المعرُوفَ عندَهم قيامُ اللَّيل .
قال عُمَرُ رضيَ الله عنه :" نِعْمَ
البدعةُ هذه " .. هذه روايةُ البخاريِّ .. أنظر[(صحيحَ البخاريِّ)/كتاب
صلاة التراويح]..
وروايةُ مالكٍ في (المُوَطَّأ) :" نعمتِ البدعةُ هذه "
.. أنظر[(مُوَطَّأَ مالك)/كتاب النداء للصَّلاة].
روى
مالكٌ
في[(المُوَطَّأ)/كتاب النداء للصَّلاة]أنَّ سيِّدَنا عُمَرَ ، رضيَ
الله
عنه ، جَمَعَ النَّاسَ ، في زمانه ، على قيام رَمَضَانَ فكانوا
يصَلُّونَ
ثلاثـًا وعشْرِينَ ركعةً أي مَعَ الوِترِ الذي هو ثلاثُ رَكَعَات
.
وهذه الرِّوايةُ صحيحةٌ ثابتةٌ لم يطْعَنْ في صحَّتها حافظٌ قَطُّ ، ولا
يزالُ
الأمرُ في جميعِ أقطار المسلمينَ على العمل بروايةِ مالك .
#وأمَّا
صلاةُ
الضُّحَى فإنها تَحْصُلُ برَكْعَتَيْنِ وبأربعِ رَكَعَاتٍ وبستِّ
رَكَعَات
، لكنِ الثَّمانيةُ أفضل ، لأنَّ ذلكَ هو أكثرُ ما نُقِـلَ من
فعلِ
رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم . ووقتُها من طُلُوعِ الشَّمْسِ
قَدْرَ
رُمْحٍ إلى الاستواء . ويُسَلِّمُ من كُلِّ رَكْعَتين .
#وأمَّا
رَكْعَتَا
تحيَّةِ المسجدِ فأقلُّها رَكْعَتَانِ لا يفصلُ بينَهما بتسليمة
.
وتحصُل بفرضٍ من الفرائضِ . وذلكَ شاملٌ للفرضِ الأَداء والقضاء
والمنذُور
. وتحصلُ بنفلٍ من النوافلِ كائنًا ما كان سواءٌ أَنَوَى
التحيَّةَ
مَعَ ذلكَ الفَرْضِ أو النفلِ أم لا .. ولا تُسَنُّ الجماعةُ
لتحيَّةِ
المسجد ..